U3F1ZWV6ZTQ4OTIxMTA3OTYxMzg2X0ZyZWUzMDg2MzY2NTE1MjQ2MQ==

قصة قانون الفرصة - خديجة محمد سالم

 قصة قانون الفرصة - خديجة محمد سالم

قصة قانون الفرصة - خديجة محمد سالم

-أنا رائد حاكم أرض سُوِيجا، الأرض الوحيدة التي تطبِّق "قانون الفرصة". منذ نِصف قرن اجتمع رؤساء أرض سُوِيجا ليتناقشوا حول: كيف لهم أن يضمنوا أن المجرم بعد انتهاء عقوبته لن يعاود الكرَّة مرة أخرى؟ أدلى كلٌّ منهم بدلوِه. فمنهم من قال: نَزيد من قسوة العقوبات ليتعلموا الدرس جيدًا، ومنهم من قال: نثقِّفهم بالكتب ليتحلوا بالأخلاق التي تعالج أرواحهم الخطّائة، وأحدهم قال: لمَا لا نبحث عن سبب اقترافهم للجرائم أصلًا؟ وقد كان هذا القائل جدّي الأكبر، كان جدّي رحيمًا حكيمًا أراد أن يتتبع جذور المشكلة ليهتدي للحل الصحيح، وحينما كان جدّي يوشك أن يشرح فكرته باستفاضةٍ أكثر قاطعة كبير القضاة وقال: ماذا لو أقمنا سنويًّا يومًا بدون عُقوبات؟!

فغر الجميع أفواههم ولم ينطقوا لدقائق حتى أردف: الآن نحن في وضعٍ حرج ولا يستطيع الحامون جمع شتات العوام ولا منحهم الأمان لذا، أرى أنه علينا أن نمنح المجرمين ما يريدون أولًا حتى يمنحونا ما نريد من الأساس. 

علَّق كبير الحُماة: كيف لنا أن نحمي أرضنا  بأن نمنحهم يومًا ليقترفوا فيه ما يشائون من جرائم دون عقوبات؟

أجابه كبير القضاة: سأخبرُك. إذا استطعت أن تُقلع عن فعل شيءٍ لمدة معلومة، ألن تقل رغبتَك فيه؟

أجاب جدي: وماذا لو زاد من رغبتك فيه؟ ماذا لو استغلَّ العام للتخطيط لجريمة قتلٍ أو سطوٍ وهو بالفعل يضمن تنفيذ مخططه بكلِّ أريحية؟ 

رد كبير القضاة: لا أضع هذا كاحتمال ولكن لك ذلك، في خلال هذا العام سنضيق الخناق في السجن أكثر، وسيبحث كل مجرم قضى مدة عقوبته على كيفية ضبط نفسه حتى لا يعود مرة أخرى وعن كيف له أن يعمل وينشغل ويصرف تفكيره عن قتل أحدهم أو سرقته أو غير ذلك حتى يأتي اليوم الذي يرى فيه قوَّته على عدوه فيترفَّع عن ذلك ويتركه. 

ضحك جدي بفخرٍ وقال: فهمت الآن. تريد أن تُشبع غرورَه لتملِكَه. حسنًا حسنًا، هذه فئة واحدة من فئات المجرمين ماذا سنفعل بالفئات الأخرى؟ مثلًا الذين يقتلون انتقامًا ويسرقون بسبب نقصٍ في نفوسهم وما إلى ذلك.

أجابه القاضي رابتًا على كتفه: سنطبِّق فكرتكَ. وهذا سيعتمد اعتمادًا كاملًا على أطبائِنا.

قاطعه كبير الأطباء صارخًا وقال: تريد منّا أن نعالج مجرمين؟

رد القاضي بحزم: بل ومائلين إلى الجرم أيضًا. سنضع اختباراتٍ لنميِّز المجرمين عن الذين يميلون للجرم وحسبَ ذلك سنخطط لتدريس كتب معينة لأصحاب الفئتين وأطباء مشرفون على الفئتين بدرجات ومهارات طبية متفاوتة، سنؤسس مكانًا يتحلَّق أصحاب كل فئة اسبوعيًا حول طبيب وسنأخذ منه تقييمًا شهريًا. 

قال الحاكم وقد انفرجت أساريره: ستحاول ترويض روح كل امرئ حتى يُهتدى به إلى الطريق الحق. 

رد كبير القضاة: نعم يا سيدي. 

قال جدي مفكرًا: وماذا لو ارتكب أحدُهم جريمة في ذلك اليوم بعد كل ما قلته أيضًا؟ 

رد كبير القاضي بخبث: لن يعاقب فعلًا ولكن لن يفلت بجرمه أيضًا. 

سأل كبير الحماة والدهشة تتملكه: كيف هذا؟! 

أجابه وقد زها بنفسه أكثر: سيتخاصم معه الأطباء وينعته زملائه وأصدقائه وأهله بالضعيف والمنافق سنجعل دنيته كالجحيم فإما أن يصيبه ذلك بالجنون ويكرر فعلته الشنيعة مرة أخرى فيسجن مدى حياته أو يثبت أنه يستطيع أن يُقلع مرة أخرى.

وبالفعل طُبِّقت فكرة كبير القاضي ونجحت نجاحًا باهرًا. منذ نِصف قرنٍ وسُوِيجا أكثر الأراضي انضباطًا وأمانًا حتى يوم "قانون الفرصة" الماضي حيث تمت جريمة قتل ثلاثية الأبعاد ونحن الآن على أعتاب تغيير كل شيء سعي إليه المؤسسين وتعبوا لتحقيقه. 

تمَّت. 


قصة: قانون الفرصة. 

بقلم: خديجة محمَّد سالِم.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة